/ الفَائِدَةُ : ( 4 ) /
15/10/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / اِمتداد الولاية الإِلٰهيَّة وحقّ الطَّاعة بامتداد دائرة الدِّين وأَبوابه/ إِنَّ مفهوم (الولاية الإِلٰهيَّة) قد اِنطبع في الأَذهان في الأَعْصَار المتأَخرة بحدود ضيِّقة تقتصر علىٰ صلاحيَّات الحكم السياسي بمصطلحاته الثلاثة ـ القضائيَّة ، والتشريعيَّة ، والتنفيذيَّة ـ . والحقُّ : أَنَّ مفهوم الولاية موضوع في أَصل اللُّغة للأَعَمِّ من ذلك ، وكذا الِاستعمال الوحياني ؛ مُستعمل في الأَعمِّ من ذلك . وبالجملة : مفهوم الولاية الإِلٰهيَّة موضوع ومُستَعمَل في معنىٰ يُساوي ، بل يُساوق سَعَة مفهوم الدِّين والدِّيانة . وعليه : تمتد الولاية الإِلٰهيَّة بِامتِداد دائرة الدِّين وَأَبوابه . وعلىٰ هذا قس مفهوم حقّ الطَّاعة . إِذَنْ : ولاية أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الإِلٰهيَّة ووجوب طاعتهم يمتدَّان بِامتِداد سَعَة دائرة الدِّين وَأَبوابه ، الشَّاملة لجملة العوالم وكافَّة المخلوقات غير المتناهية ، والشَّاملة أَيضاً للإِمارة والحكومة الإِلٰهيَّة ، والقيام بالأُمور السياسيَّة في النظام الِاجتماعي ، بل والشَّاملة لولاية التَّشريع في الدِّين والقيُّوميَّة عليه ، ووساطتهم في التديُّن بالدِّين ، وهلمَّ جرّاً من الشؤون الإِلٰهيَّة المُتعلِّقة بجميع المخلوقات وفي طُرِّ العوالم . وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان أَبي جعفر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ عن مُحمَّد بن سنان ، قال : « كُنْتُ عند أَبي جعفر عَلَيْهِ السَّلاَمُ فذكرتُ اِختلاف الشيعة ، فقال : إِنَّ الله لم يزل فرداً مُتفرِّداً في الوحدانيَّة ، ثُمَّ خَلَقَ مُحمَّداً وعَلِيّاً وفاطمة عَلَيْهِم السَّلاَمُ فمكثوا أَلف دهر ، ثُمَّ خلق الأَشياء وأَشهدهم خلقها ، وأَجرىٰ عليها طاعتهم ، وجعل فيهم ما شاء الله ، وفوَّض أَمر الأَشياء إِليهم في الحُكْمِ والتَّصَرُّفِ والارشادِ والأَمرِ والنهي في الخلق ؛ لأَنَّهم الولاة ؛ فلهم الأَمر والولاية والهداية ، فهم أَبوابه ونُوَّابه وحجَّابه ، يُحلِّلون ما شاء ، ويُحرِّمون ما شاء ، ولا يفعلون إِلَّا ما شاء ، عباد مكرمون ، لا يسبقونه بالقول ، وهم بأمره يعملون . فهذه الدِّيانة الَّتي مَنْ تقدَّمها غرق في بحر الافراط ، ومن نقصهم عن هذه المراتب الَّتي رتَّبهم الله فيها زهق في بَرِّ التَّفريط ؛ ولم يوفِّ آل مُحمَّد حقَّهم فيما يجب علىٰ المؤمن من معرفتهم ، ثُمَّ قال : خذها يا مُحمَّد ، فإِنَّها من مخزون العِلْم ومكنونه » (1). 2ـ بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن إِسماعيل بن عبد العزيز، قال : « قال لي جعفر بن مُحمَّد عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كان يُفَوَّض إِليه ، إِنَّ الله تبارك وتعالىٰ فوَّضَ إِلى سليمان عَلَيْهِ السَّلاَمُ ملكه ، فقال : [مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا] (2) فقال رَجُلٌ : إِنَّما كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مُفوَّضاً إِليه في الزرع والضرع ، فلوّى جعفر عَلَيْهِ السَّلاَمُ عن عنقه مغضباً ، فقال : في كُلِّ شيءٍ ، والله في كُلِّ شيءٍ »(3). وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 25: 339/ح21. رياض الجنان: (مخطوط). (2) الحشر: 7 . (3)بحار الأَنوار، 17: 9/ح16. بصائر الدرجات: 111ـ 112